
أكد المندوب السامي للتخطيط، شكيب بنموسى، يوم الأربعاء 18 يونيو بالرباط، أن الاستشراف ليس مجرد إسقاط للاتجاهات، بل موقف فكري وإطار للتفكير الجماعي وأداة مساعدة في اتخاذ القرار.
وأوضح السيد بنموسى، خلال كلمة افتتاحية لندوة دولية نظمتها مدرسة علوم المعلومات حول موضوع "الاستشراف والذكاء الاستراتيجي: تآزر في خدمة سياسات التنمية بالمغرب"، أن الاستشراف، الذي يتيح تصور مستقبلات محتملة ووضع فرضيات واستطلاع هوامش عدم اليقين وإضاءة الخيارات الحاضرة، ينبغي أن يكون راسخا في واقع البلاد ومعزز ببيانات قوية وتحليلات متقاطعة وذكاء جماعي.
وأضاف أن "الذكاء الاستراتيجي لا يقتصر على التحليل التنافسي، بل يشكل نظاما للمراقبة والتنسيق لا غنى عنه لاستباق الانقطاعات وتحديد نقاط الضعف وتحويل الإشارات الضعيفة إلى روافع للعمل، ويفترض تعاونا معززا بين المؤسسات من جميع القطاعات والتخصصات".
وشدد المندوب السامي للتخطيط، خلال هذه الندوة التي تمتد ليومين تحت إشراف المندوبية السامية للتخطيط بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس مدرسة علوم المعلومات، على ضرورة توجه الاستشراف الاستراتيجي نحو بعد مجالي لخدمة الجهوية المتقدمة التي انخرط فيها المغرب.
وتابع أن "ذكاء ترابيا ينصب على الخصوصيات الجهوية ويغذي مشروعا ابتكاريا لتنمية التراب لا يمكنه الاستغناء عن الاستشراف، إذ إن قدرته على التعبئة والبناء ينبغي أن تنتج مؤشرات لمتابعة الأثر على المديين المتوسط والطويل بهدف أسمى هو النهوض بالجهات ومرونتها وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية في بلادنا".
ولفت إلى أن محاور هذه الندوة (التنافسية والاستدامة والرفاه والحكامة المرنة) تندرج ضمن المنطق ذاته، وتتجاوب مع الأولويات الاستراتيجية للمملكة، وهي التحولات الاقتصادية والانتقال الطاقيقي والإدماج الاجتماعي وإعداد التراب.
من جهته، سلط مدير مركز الإيسيسكو للاستشراف الاستراتيجي والذكاء الاصطناعي، قيس الهمامي، الضوء على أهمية اعتماد مقاربة استشرافية دينامية وشاملة لاستباق التحديات المستقبلية وبناء المستقبل بشكل جماعي.
وأشار إلى أن هذه المقاربة ذات الراهنية تهدف إلى تعبئة الفاعلين الأساسيين حول رؤية مشتركة، متجاوزة التنبؤ البسيط لصالح بناء مشترك فعال لمسارات التنمية.
وذكر السيد الهمامي أن الاستشراف يتميز عن الدراسات التقليدية بطابعه الاستباقي والتشاركي، مدعوما خاصة باليقظة الاستراتيجية التي تتيح الكشف المبكر عن الإشارات الضعيفة للتغيير.
ودعا إلى تعزيز التعاون الدولي عبر نقاط محورية في كل بلد، وإعداد أدلة منهجية ومعاجم مشتركة، بهدف مواءمة الممارسات وترويج ثقافة استشرافية فعالة.
وأوضح السيد الهمامي أن هذه الاستراتيجية المتكاملة ستساهم في تعزيز قدرة صانعي القرار العموميين على توجيه سياساتهم بطريقة مستنيرة، مع تعزيز الابتكار والرفاه الجماعي في سياق دائم التطور.
وقد تميزت الندوة بتوقيع عدة اتفاقيات استراتيجية بين المندوبية السامية للتخطيط وشركائها الوطنيين والدوليين، مكرسة التزامات تعاون في مجال الاستشراف والحكامة العمومية والتنمية المستدامة.
وتهدف هذه الاتفاقيات إلى تعزيز القدرات المؤسساتية للمملكة وتشجيع تبادل الخبرات وتعزيز تقارب الجهود لاستباق التحديات المقبلة.
وتنظم هذه الندوة بشراكة مع مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد وأكاديمية الذكاء الاقتصادي (فرنسا) والمعهد المغربي للذكاء الاستراتيجي والمعهد الوطني للفنون والمهن (فرنسا)، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة للتنمية والإيسيسكو، وتتمحور حول ثلاث جلسات وورشة عمل.
ومن جملة المواضيع التي ستتناولها المناقشات، ربط الاستشراف بالتنافسية لصالح تنمية مستدامة، وتجميع الاستشراف والرفاه من أجل تنمية مستدامة، وإرساء حكامة عمومية للاستجابة قائمة على الاستباق.
(ومع: 19 يونيو 2025)