المناظرة الوطنية حول مدونة الشغل
دعا المشاركون في المناظرة الوطنية حول مدونة الشغل يوم الاثنين بالرباط إلى الاعتماد أكثر على الاتفاقيات الجماعية كآلية لتنظيم العلاقات المهنية وتثبيت أسس مناخ اجتماعي سليم.
واعتبر المشاركون في هذه الندوة التي تنظمها على مدى يومين وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية بتعاون مع مكتب العمل الدولي تحت شعار " مدونة الشغل بعد عشر سنوات من التطبيق بين متطلبات التنمية الاقتصادية وضمان العمل اللائق" أن من شأن الاتفاقيات الجماعية أن تسهم بشكل كبير في تحسين علاقات الشغل والنهوض بظروف العمل وضمان استقرار المقاولات.
وأكد وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية السيد عبد السلام الصديقي في كلمة افتتاحية أن تشريع الشغل يعتبر من الخطوط الناظمة الأكثر تأثيرا على صيرورة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية مشيرا إلى أن المغرب بادر إلى الانخراط في كل المبادرات الدولية الرامية إلى تحقيق العمل اللائق.
وأشار إلى أن التساؤلات التي تطرح حول مدى تفعيل مدونة الشغل بعد عشر سنوات من دخولها حيز التطبيق تقتضي مناقشتها إعمال منهجية تشاركية ثلاثية تساهم فيها كل المنظمات المهنية للمشغلين والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلا وكذا المهنيين ورجال القضاء والباحثين المهتمين مؤكدا أن تقييم حصيلة تطبيق المدونة ينبغي أن يشمل الجوانب الرقابية أيضا للوقوف على العوائق المرتبطة بمهام وأنشطة الأجهزة المسؤولة عن مراقبة تطبيقها.
ومن جانبه أكد وزير العدل والحريات السيد مصطفى الرميد على ضرورة تثمين مقتضيات مدونة الشغلº خاصة تلك المتعلقة بالمفاوضة الجماعية واتفاقيات الشغل الجماعية والدفع بدور الفرقاء الاجتماعيين للنهوض بظروف العمل وتوفير شروط الصحة والسلامةº ترسيخا لمبدأ المقاولة المواطنة.
وأوضح أن الوزارة حرصت على إيلاء أهمية لتظلمات الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين للارتقاء بعمل القضاء الاجتماعي وتوحيد الاجتهاد القضائي مشيرا إلى أنه تم إحداث محاكم مصنفة من بينها المحكمة الابتدائية الاجتماعية بالدار البيضاء وهو ما شكل حسب الوزير قيمة مضافة لتنظيم القضاء الاجتماعي بالدار البيضاء.
ومن جهته أبرز وزير الدولة السيد محمد باها أن هذه اللحظة التقييمية للمدونة تأتي في سياق اقتصادي واجتماعي دولي ووطني يتسم بتحولات عميقة تستدعي من الحكومة والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين إعادة النظر في التشريعات المؤطرة لها لتحقيق الحكامة الجيدة والنجاعة التدبيرية.
وأضاف أن مدونة الشغل تحتاج اليوم إلى قراءة متأنية على ضوء أحكام الدستور الذي جاء ليعزز الحقوق الأساسية في العمل من أجل حسن تنزيل أحكامه ذات الصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية خاصة في ما يتعلق بممارسة الحرية النقابية وتشجيع المفاوضة الجماعية وتقنين ممارسة حق الإضراب والحق في العمل.
وبدوره ذكر رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي السيد نزار بركة بأن المجلس سبق أن انكب على موضوع نزاعات الشغل الجماعية وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني والوضع الاجتماعي واستقرار المقاولة مشيرا إلى أنه اقترح عددا من الآليات الناجعة تهم على الخصوص الامتثال الشامل للقانون وملاءمة بعض أحكامه لواقع العمل المأجور في بعض المجالات وإبرام اتفاقيات جماعية على كافة المستويات باعتبارها الآلية المثلى لتعزيز العلاقات الجماعية وملاءمتها مع متطلبات التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وأضاف أن التقرير السنوي للمجلس برسم سنة 2013 أكد على أولوية تقوية ومأسسة الحوار الاجتماعي ثلاثي الأطراف كما اعتبر أن إبرام الاتفاقيات الإطار بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب مع بعض النقابات حول الوساطة الاجتماعية في مجال نزاعات الشغل تشكل خطوة هامة في هذا المنحى ينبغي تطويرها.
أما رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان السيد ادريس اليزمي فاعتبر أن إشكالية عدم تطبيق مقتضيات مدونة الشغل وأحيانا محدودية هذه المقتضيات تشكل عائقا أمام إعمال عدد من الحقوق التي جاءت بها المدونة في التعاطي مع كثير من مظاهر الهشاشة كالعمل المؤقت وقطاع المناولة والممارسات التي تحد من تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين في الشغل إضافة إلى تفاقم ظاهرة تشغيل الأطفال ومحدودية ولوج الأشخاص في وضعية إعاقة إلى عالم الشغل.
ومن جهتهم أكد ممثلو المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا على ضرورة توفير وسائل المراقبة والتنسيق بين الوزارات لضمان تفعيل ناجع لمدونة الشغل مشيرين إلى أن 637 في المئة من الإضرابات التي يشنها مستخدمو القطاع الخاص تعود أسبابها إلى خرق مقتضيات قانون الشغل والاتفاقيات الجماعية وعدم التصريح لدى الضمان الاجتماعي والتسريح الجماعيº وليس المطالبة بزيادة الأجور.
وأعربوا عن أسفهم لكون المناخ الاجتماعي السائد حاليا يتسم ب"تغييب الحوار الاجتماعي وتجاهل مطالب المنظمات النقابية" مركزين على أنه لا يمكن تطبيق مدونة الشغل بشكل منفصل عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
وبعد أن أبرزوا أهمية الاتفاقيات الجماعية في النهوض بعلاقات الشغل شددوا على أن التفاوض الجماعي الثلاثي التركيبة يبقى الإطار الأسمى لمناقشة الملفات الاجتماعية لإيجاد الحلول الملائمة معتبرين أن الضرورة الوطنية وحاجات المجتمع تفرض ترسيخ ثقافة الحوار.
وتميزت الجلسة الافتتاحية لهذه المناظرة بتوقيع اتفاقية شغل جماعية بين شركة "أ بي إم طنجة" ونقابة الاتحاد المغربي للشغل تمتد على ثلاث سنوات وتنص إلى جانب مقتضيات عامة على الحقوق النقابية وتنظيم الحوار الاجتماعي والتشغيل وتنظيم العمل وشروطه والتصنيف المهني والأجر والأعمال الاجتماعية.
وإلى جانب الورشات الموضوعاتية تناقش هذه المناظرة مواضيع تهم "مدونة الشغل والدستور" و"مدونة الشغل ومعايير العمل الدولية" و "مدونة الشغل ومناخ الأعمال" و" حركية تشريعات العمل في بعض البلدان الأوروبية" و"مدونة الشغل والنوع الاجتماعي".
ومع: 22/09/2014