السيد أخنوش : مخطط المغرب الأخضر أدخل الفلاحة المغربية في منعطف حاسم
أكد وزير الفلاحة والصيد البحري، السيد عزيز اخنوش ، يوم الخميس في روما، أن مخطط المغرب الأخضر أدخل المغرب في منعطف حاسم ، وسجله في "دائرة من المنجزات المستديمة من خلال طبعه بدينامية من التطور المنسجم والمتوازن".
وأضاف السيد أخنوش ، في مداخلة تلاها بالنيابة عنه سفير صاحب الجلالة في إيطاليا السيد حسن أبو أيوب الذي كان مرفوقا بالكاتب العام والمهندس العام لهذا القطاع السيدين محمد الصديقي ومحمد البلغيثي، وذلك خلال الاجتماع الوزاري للمؤتمر الإقليمي ال32 للشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمنظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة (فاو)، أن دينامية التطور هذه تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الفلاحة المغربية وهوامشها في التقدم لمواجهة الرهانات الجديدة.
وأشار السيد أخنوش إلى أن المملكة، الواعية بالرهانات الكبيرة التي تثيرها المسألة الغذائية، جعلت من استمرارية الفلاحة ومن الأنظمة الغذائية "أكثر من مجرد رغبة ، بل واجبا في الزمن الحاضر"، مضيفا أن المغرب عقلن أمنه الغذائي في إطار انفتاح متحكم فيه يتيح له تثمين مزاياه المقارنة واستغلال إمكانيات السوق الدولية بشكل أفضل.
وقال السيد أخنوش إن المغرب اختار مقاربة الأمن الغذائي بطريقة شمولية بوضع مخطط "المغرب الأخضر" الذي أطلقه صاحب الجلالة محمد السادس في 2008 في مسعى لجعل الفلاحة المحرك الأول للاقتصاد الوطني، مضيفا أن "هذه الاستراتيجية الصلبة، والقطاعية والمندمجة تقوم على الأمد الطويل وتطمح إلى فلاحة دائمة ومجددة كي تكون تنافسية ومندمجة اجتماعيا".
وعلاوة على ارتفاع الإنتاج والإنتاجية، وتثمين المنتجات الفلاحية والبحث في الأسواق، تدمج هذه الاستراتيجية نمو مداخيل الفلاحين مع حمايتهم من التغييرات المناخية، من خلال منتجات للتأمين المدعوة لأن تتعمم وتتنوع.
وذكر الوزير بأن مخطط المغرب الأخضر يندرج في إطار ثلاثية التنمية المستدامة التي تكشف عن الكفاءة الاقتصادية والإنصاف الاجتماعي وصيانة الموارد الطبيعية، ملاحظا أن هذا المخطط يقوم على أساسين تؤطرهما مجموعة من الإصلاحات الهيكلية وبرامج طموحة تهدف إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية من خلال الاستعمال المعقلن ، خاصة الماء والتربة والتنوع الفلاحي.
واعتبر السيد أخنوش أنه بعد حوالي 5 سنوات من التطبيق، غير مخطط المغرب الأخضر الفلاحة المغربية ووضع أسس نظام زراعي جديد.
وهكذا، يضيف السيد أخنوش ، تحسنت المساحة الفلاحية المنتجة بالمغرب من 11 في المائة لتنتقل إلى حوالي 8 مليون هكتار وقفز الإنتاج الفلاحي بأزيد من 45 في المائة ليراكم مجموعا يزيد على 42 مليون طن ، بالنسبة لجميع الفروع.
وحسب الوزير، فإن الاستعداد الغذائي لكل ساكن تزايد ب14 في المائة خلال هذه الفترة وارتفع الناتج الداخلي الخام من 74 إلى أزيد من 100 مليار درهم ما أحدث ما يعادل 77 ألف منصب شغل دائم، وجهز المغرب أزيد من 370 ألف هكتار بالتقنيات المقتصدة من ماء الري وحقق قفزات دالة في جميع عوامل الإنتاجية.
وانطلاقا من ملاحظة أن ندرة الماء هو أحد التحديات الأكثر استعجالية الواجب رفعها لضمان تنمية فلاحية مستدامة والأمن الغذائي للبلد، لاحظ السيد أخنوش أن مخطط المغرب الأخضر يولي مكانة مهمة للتحكم في الماء وعقلنته باعتباره رافعة استراتيجية لتحسين الإنتاجية واستقرار الإنتاج في سياق مناخي متغير.
وسجل الوزير أن مخطط المغرب الأخضر فتح ، في هذا الإطار، ثلاثة أوراش كبرى مهيكلة لمستقبل الفلاحة بالسقي، يهم أولها البرنامج الوطني لاقتصاد الماء في الري، الذي يهدف إلى تحديث أنظمة الري ، من خلال إعادة استعمال الري المحلي في مساحة 550 ألف هكتار.
وقال إن "هذا البرنامج، الذي وضع ضمن أولويات الاستراتيجيات الحكومية للفلاحة وقطاع الماء، هو بالفعل رد على تحديات ندرة موارد الماء وتثمين موارده التي تزداد ندرة".
وأضاف أن الورش الثاني يهدف إلى تمديد الري على مساحة حوالي 155 ألف هكتار مرتبطة بالسدود المنجزة أو التي هي في طور الإنجاز. وهذا البرنامج ، الذي سيتيح تثمين حوالي مليار متر مكعب سنويا غير مثمنة حاليا، سيتطلب مجهودا في الاستثمار بحوالي 2 مليار أورو.
ويهم الورش الثالث ، من جهته، إنعاش الشراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل التنمية وتدبير الري.
ولاحظ السيد أخنوش أن "هذه البرامج، التي تهم كل الإنتاجات المحلية ستساهم في تطوير الفلاحة في مواجهة التحولات المناخية التي تهدد بالخصوص منطقتنا".
وأكد الوزير، الذي ربط بين المبادرة الإقليمية للفاو لمواجهة نقص الماء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن المغرب منخرط في تطبيق هذه المبادرة وعبأ كل الشركاء على المستوى الوطني لإطلاق التقييم الوطني باستعمال الأدوات الجديدة التي طورتها المنظمة بقبولها أن تكون من ضمن ستة بلدان اعتبرت رائدة في المنطقة.
وأعرب السيد أخنوش، الذي استعرض سلسلة من التحديات التي تواجهها هذه المنطقة في المجال الفلاحي والأمن الغذائي، عن دعم المغرب للمبادرات الإقليمية للفاو، مؤكدا أن المملكة تعمل بشكل متواصل وبمختلف الطرق من أجل المساهمة في مواكبة تطبيق هذه البرامج.
ومن جهة أخرى، أشاد السيد أخنوش باعتماد الفاو "إطارا استراتيجيا جديدا يدمج رؤية المنظمة، والأهداف العالمية المراجعة، والأهداف الاستراتيجية الخمسة الجديدة، وكذا الهدف السادس حول الجودة، والمعارف والخدمات التقنية، ومواضيع كالمساواة بين الرجل والمرأة والحكامة".
وأشاد ب"اللاتمركز الشفاف من خلال التوقيع على إطار البرمجة حسب البلدان 2013-2016 " الذي يستجيب للأولويات الوطنية، مشيرا إلى أن المملكة أخذت علما بأن خرائطية أطر البرمجة حسب كل بلد أدت إلى تحديد ثلاث مبادرات جهوية موجهة إلى رفع تحديات كبرى تتطلب مقاربة متشاور بشأنها.
وبالفعل، فإن هذه المبادرات والتي تتمثل في المبادرة الجهوية حول ندرة الماء التي أطلقت في 2013، ومبادرة تعزيز الوقاية بهدف تحسين الأمن الغذائي والتغذية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والمبادرة من أجل فلاحة صغيرة مستدامة من أجل تنمية مفتوحة على الجميع، شكلت موضوع مختلف تدخلات الوزراء ، وكبار المسؤولين، والمندوبين، وسفراء البلدان المشاركة في هذا المؤتمر.
وعلاوة على الموضوع المركزي حول تأثير ندرة الموارد المائية على الأمن الغذائي ، هم جدول أعمال هذا المؤتمر، الذي بدأ باجتماع لموظفين سامين على مدى ثلاثة أيام (24-26 فبراير) واختتم باجتماع وزاري (27-28 فبراير)، أيضا حول وضعية التغذية والفلاحة في المنطقة والقضايا المتعلقة بها، كالفقدان والتبذير الغذائي، والإنتاج لدى الاستهلاك، وتقليص الفوارق بين الجنسين، ومقاربات أخرى تهدف إلى تحسين آفاق الفلاحة والتنمية القروية.
ويتم عقد المؤتمرات الإقليمية كل سنتين، وتجمع وزراء الفلاحة ومسؤولين سامين في الدول الأعضاء من المنطقة الجغرافية ذاتها حول الرهانات التي تتجاوز الحدود الوطنية والقضايا الأولية المرتبطة بالتغذية والفلاحة.
(ومع-27/02/2014)