العلاقات المغربية الامريكية
أكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس-أكدال بالرباط السيد تاج الدين الحسيني أن العلاقات الإستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية مرشحة لكي تعرف "تطورا إيجابيا في المستقبل القريب".
وأوضح السيد الحسيني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأمريكي باراك أوباما اليوم الخميس مع صاحب الجلالة الملك محمد السادس "له أهمية قصوى حيث لم يتم التركيز فقط على الإشادة بما تم تحقيقه من خلال موقف الولايات المتحدة داخل مجلس الأمن بل تضمن أيضا تنويها من الرئيس الأمريكي بما حققه المغرب من إصلاحات وأنه بفضل هذه الإصلاحات أصبحت المملكة تضطلع بدور الريادة في المنطقة".وأضاف أن دعوة الرئيس أوباما جلالة الملك لزيارة الولايات المتحدة هذه السنة ودعوة جلالته للرئيس الأمريكي بزيارة المغرب "تشكل نوعا من التقدم الايجابي في العلاقات بين البلدين".وقال إن تقديم الولايات المتحدة لمسودة مقترح توسيع مهمة بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان "كانت بمثابة الصدمة التي حركت المياه الراكدة في العلاقات المغربية الأمريكية" مؤكدا أن "الاتصالات التي تمت على أعلى مستوى من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس خاصة مع الرئيس الأمريكي كانت لها أهميتها لأنها أظهرت الموقع الممتاز الذي يحتله المغرب في الاهتمامات الخارجية والمصالح الحيوية للولايات المتحدة".
وأبرز السيد الحسيني متانة العلاقات الإستراتيجية التي تجمع بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية والتي تعود لأكثر من 200 سنة مشيرا في هذا الصدد إلى أن المملكة تعد على المستوى السياسي حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة خارج الحلف الأطلسي ولها دور بارز في قضايا محاربة الإرهاب واستثباب الأمن والاستقرار بالمنطقة مذكرا بأن البلدين شرعا منذ السنة الماضية في حوار استراتيجي مستمر بخصوص كافة القضايا الحيوية.وفضلا عن العلاقات السياسية المتميزة أبرز السيد الحسيني أن البلدين يرتبطان بعلاقات اقتصادية تتمثل على الخصوص في توقيعهما على اتفاقية التبادل الحر وكذا اعتبار الولايات المتحدة المغرب أرضية للربط بين الولايات المتحدة وإفريقيا والشرق الأوسط بفضل البنيات التحتية المتقدمة التي باتت تتوفر عليها المملكة. وأشار السيد الحسيني إلى أن المغرب يحظى ب"تقدير استثنائي" من طرف مختلف المؤسسات الأمريكية الفاعلة من قبيل الجهاز التنفيذي والكونغرس ومجموعات التفكير المؤثرة وذلك نظرا لتبنيه منذ الاستقلال نظاما للتعددية الحزبية والاقتصاد الليبرالي وانخراطه في مسلسل من الإصلاحات جسده الدستور الجديد الذي كرس آليات الحكامة والتداول على السلطة "وهو ما يجعل هذه المؤسسات تؤكد على أن المغرب يشكل الاستثناء في ما تعرفه المنطقة العربية ويقدم نموذجا يحتذى".
من جهته أكد السيد عبد المالك العلوي رئيس الجمعية المغربية للذكاء الاقتصادي أن العلاقات الاستراتيجية التي تجمع منذ قرون المغرب والولايات المتحدة تجسيد لشراكة مؤسسية عابرة للأطلسي تستند على الثقة المتبادلة التي تجد جذورها في التعاون العريق بين البلدين الذي أرسى أسسه المغفور له الحسن الثاني.
وأضاف السيد العلوي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن هذه الشراكة تندرج حاليا في إطار الامتداد الطبيعي لهذا التعاون العريق على الخصوص على مستوى التعاون الأمني والتوافق بشأن قضايا الحوار الثقافي والديني والتطابق في وجهات النظر السياسية وعلى الخصوص على ضرورة إقامة فضاء جيوسياسي مغاربي يكون بمثابة منطقة عازلة لكل أنواع التطرف.
في نفس السياق أكد الأستاذ الجامعي ورئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات منار اسليمي أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما وجه من خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه يوم الخميس مع جلالة الملك محمد السادس رسالة تؤكد مساندة الإدارة الأمريكية لرؤية المغرب لقضية الصحراء. وقال الأستاذ اسليمي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن الرئيس الأمريكي "وجه رسالة لدول الجوار بأن المغرب يظل الحليف الاستراتيجي الأول بالمنطقة ورسالة أخرى لبعض المنظمات الأمريكية بأن موقف الإدارة الأمريكية والبيت الأبيض هو موقف مساند للمغرب ولمقترحاته بخصوص قضية الصحراء" كما نص على ذلك القرار 2099 لمجلس الأمن الدولي.
وأضاف اسليمي أن هذا الاتصال يعد بمثابة "ثقة جديدة" يحظى بها المغرب من طرف الولايات المتحدة الأمريكية بعد الثقة الفرنسية والاسبانية بخصوص رؤية المملكة لقضية الصحراء. كما يشكل هذا الاتصال يضيف الأستاذ الجامعي دليلا على أن العلاقات المغربية الأمريكية أصبحت "أكثر قوة" بعد الحادث العابر المرتبط بما سمي بأزمة مسودة مشروع القرار الأمريكي بخصوص توسيع مهمة المينورسو بالصحراء لتشمل مراقبة حقوق الإنسان.وأوضح أن لدعوة الرئيس الامريكي لجلالة الملك في هذا الاتصال إلى زيارة الولايات المتحدة الأمريكية في غضون السنة الجارية دلالتها على مستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين معتبرا أن هذه الزيارة ستساهم في تعزيز هذه العلاقات بشكل أكبر.
وخلص رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات إلى أن هذه الدعوة تعد أيضا بمثابة تأكيد من طرف الولايات المتحدة الأمريكية على أن المغرب "ما زال يشكل نموذجا ديمقراطيا داخل المنطقة العربية".
وكان بلاغ للديوان الملكي أعلن أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله تلقى يوم الخميس اتصالا هاتفيا من السيد باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
خبير أمريكي: الاتصال الهاتفي بين جلالة الملك والرئيس أوباما يبرز الشراكة الاستراتيجية الضرورية لتحقيق استقرار وتطور المنطقة
قال مدير مركز ميكاييل أنصاري لإفريقيا٬ التابع لمجموعة التفكير الأمريكية (أطلانتيك كاونسيل)٬ بيتر فام٬ أن الاتصال الهاتفي الهام الذي جرى يوم الخميس بين صاحب الجلالة الملك محمد السادس والرئيس باراك أوباما٬ يبرز الطابع الاستراتيجي للشراكة بين المغرب والولايات المتحدة٬ "والتي أصبحت اليوم ضرورية أكثر من أي وقت مضى لتحقيق استقرار وتطور المنطقة".
وأكد بيتر فام٬ في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ يوم الجمعة٬ أن "هذا الاتصال الهاتفي جاء ليكرس الروابط التاريخية المطبوعة بالقيم المشتركة والفهم العميق للأولويات المتبادلة"٬ ملاحظا أن الأمر يتعلق بقضية مبدأ بالنسبة لمختلف الإدارات الأمريكية٬ سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية.
وأبرز فام أن هذا الحوار المباشر بين جلالة الملك والرئيس أوباما سيمكن على الخصوص من التقدم في معالجة القضايا ذات الاهتمام المشترك المرتبطة بالأمن والاستقرار بالمنطقة٬ خصوصا وأن قائدي البلدين يوليان اهتماما خاصا للتنمية وتعزيز قيم الديمقراطية والحكامة الجيدة٬ باعتبارها عوامل قادرة على دعم النمو الاقتصادي والمبادلات التجارية عبر الأطلسي.
واعتبر هذا الخبير الأمريكي أن "الإصلاحات الشجاعة التي أطلقها صاحب الجلالة قبل +الربيع العربي+ شكلت نموذجا في منطقة تسودها الشكوك و أجواء عدم اليقين"٬ مشيرا إلى أن هذه الدينامية هي نتاج لقيادة متبصرة في إصغاء دائم لطموحات الشعب في إطار منهجية محكمة".
(ومع)