الأخبار
الثلاثاء 16 دجنبر، 2014

جلسة عامة بمجلس المستشارين لمناقشة مشروع قانون المالية 2014

جلسة عامة بمجلس المستشارين لمناقشة مشروع قانون المالية 2014

أكد السيد محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، مساء يوم الاثنين، أن مشروع قانون المالية لسنة 2015 يتوفر على ما يكفي من المقومات، ليكون بحق منعطفا أساسيا وخطوة إرادية في مسار التحول المنشود للنموذج التنموي.

وأبرز الوزير، في جوابه، خلال جلسة عامة بمجلس المستشارين، على تدخلات الفرق والمجموعات البرلمانية، خلال المناقشة العامة لمشروع قانون المالية، أن التوجه الذي تبنته الحكومة منسجم تماما مع التوجيهات الملكية السامية "فهو ينبني على تثمين وتحصين مكاسب نموذجنا التنموي، وتقويم اختلالاته، بما يضمن تحقيق نمو متوازن ومدمج لكل فئات المجتمع ومناطق وجهات هذا الوطن العزيز".

وقال إن الحديث عن تجديد النموذج التنموي لا يعني أن الاختيار المبني على دعم الطلب الداخلي استنفذ كل هوامشه، مبرزا أن هذا الاختيار، الذي فرضته رهانات مواجهة الأزمة وما تقتضيه من حفاظ على التوازنات الاجتماعية، ساهم، بشكل كبير، في تجنيب البلاد مخاطر الانزلاقات الخطيرة التي عرفتها مجموعة من البلدان المجاورة.

وبعدما أشار إلى أن جل دول العالم، لجأت إلى نهج سياسات اقتصادية توسعية في مواجهة تداعيات الأزمة المالية الدولية، وهي اختيارات أبانت عن فاعليتها، ذكر بأن نموذج النمو المغربي قد أبان عن إمكانيات هامة وقدرة كبيرة على الصمود، حيث نجح المغرب في الحفاظ على مستوى نمو مطرد.

وأضاف أن الطلب الداخلي، باعتباره دعامة أساسية للنمو الاقتصادي الوطني، قد أبان أيضا عن دينامية كبيرة مدعوما بقطاع مالي حديث وصلب ومهيكل، ما مكن من الحد من انعكاسات تراجع الطلب الخارجي والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي للبلاد في ظل الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.

وأكد الوزير أن الاستثمار يعتبر أحد ركائز هذا النموذج الاقتصادي التنموي الوطني، الذي يعتمد على تعزيز الطلب الداخلي، بمكونيه الاستهلاك والاستثمار، وتنويع روافد النمو، مشيرا إلى أن التكوين الخام للرأسمال الثابت قد حقق معدل نمو سنوي بالأسعار الثابتة قدره 5,3 في المائة خلال الفترة ما بين 2000 و2013 مقابل 3,8 في المائة خلال التسعينيات وذلك بفضل سياسة الاستثمار العمومي (180,3 مليار درهم سنة 2013 مقابل 47,5 مليار درهم سنة 2003) التي جعلت منه رافعة أساسية للاستثمار الخاص الوطني والأجنبي ومحرك أساسي للدورة الاقتصادية.

وحرص السيد بوسعيد على التأكيد أن استراتيجية الحكومة تنبني على استثمار كل التراكمات التي حققتها البلاد بإيجابياتها وسلبياتها، "وهي بذلك لا تنطلق من الفراغ، أو تنخرط في توجه ينبني على القطيعة مع الماضي، بل نحن نفتخر كذلك بما تحقق في بلادنا خلال السنوات الماضية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك، ونضع في مقدمة أولوياتنا تحصين مكتسبات بلادنا على المستوى السياسي والمؤسساتي والاقتصادي والاجتماعي".

وقال، في هذا الصدد، إنه "لا داعي للانخراط في مقارنات لا جدوى منها ولا أساس موضوعي لها، لأنها لا تأخذ بعين الاعتبار إكراهات الأزمة الاقتصادية العالمية التي انطلقت نهاية سنة 2008، لكن تداعياتها لم تنتقل إلى بلادنا سنة 2009 بل انطلاقا من سنة 2012، مما ساهم في تدهور المؤشرات الاقتصادية والماكرو اقتصادية، وكنا على حافة منزلق خطير كدنا نفقد معه السيادة الاقتصادية والمالية".

وأكد أن الحكومة بذلت مجهودات كبيرة من أجل الاستعادة التدريجية للتوازنات الماكرو-اقتصادية، حيث من المنتظر أن يتم، بفضل تضافر جهود كل القطاعات، من تقليص عجز الميزانية من 7 في المائة سنة 2012 إلى 4,9 في المائة نهاية سنة 2014 و4,3 في المائة سنة 2015، مع تقليص عجز ميزان الأداءات إلى 6,7 في المائة عوض 9,7 في المائة سنة 2012، وإلى ما يناهز 6 في المائة سنة 2015.

وأشار إلى أن تقليص العجز ليس هدفا في حد ذاته، وإنما الهدف من ورائه يتمثل في تقليص المديونية، التي من المنتظر أن تستقر في حدود 64 في المائة ابتداء من هذه السنة، واستعادة ثقة المؤسسات المالية الدولية والمستثمرين في الدولة المغربية وفي الاقتصاد الوطني ككل، وتوفير الهوامش الضرورية لتمويل الاقتصاد وتحفيز خلق فرص الشغل ودعم القطاعات الاجتماعية.

وأكد أن مشروع قانون المالية لسنة 2015 يجيب على هذه المعادلة الصعبة، بتقليص العجز إلى 4,3 في المائة سنة 2015، والزيادة الإرادية بÜ 9 في المائة في اعتمادات الاستثمار للميزانية العامة التي بلغت 54 مليار درهم، وبÜ 25 في المائة في عدد المناصب المالية، حيث يقترح المشروع إحداث 22 ألف و510 منصب مالي.

وقال الوزير، في ذات السياق، إن الحكومة "تعرف أين تسير" ولديها توجه وتصور واضح لتفعيل التوجيهات الملكية السامية والتزامات البرنامج الحكومي للنصف الثاني من الولاية، مبرزا أن التصور الذي يؤطر عمل الحكومة والذي يعكسه بشكل واضح مشروع قانون المالية يرتكز على استغلال الهوامش المتاحة على مستوى الطلب الداخلي بمكونيه الاستهلاك والاستثمار، من خلال مواصلة دعم القدرة الشرائية للمواطنين وتعزيز الاستثمار، وإثراء النموذج التنموي بتطوير محركات جديدة للنمو الاقتصادي من خلال التركيز على التصنيع ومواصلة تطوير باقي الاستراتيجيات القطاعية بهدف تنويع الإنتاج وتطوير الصادرات والقدرة التنافسية الخارجية، وإزالة العوائق التي تحد من النمو عبر المضي قدما في تفعيل الإصلاحات الهيكلية الضرورية، وكذا تعزيز التماسك الاجتماعي وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية.

وبخصوص النقاش حول توزيع الثروة، اعتبر الوزير أنه قبل الحديث عن توزيع الثروة لابد من وضع آليات إنتاج الثروة، مؤكدا، في هذا الإطار، أن الحكومة حريصة على تطوير الآليات الكفيلة بإدماج كل فئات المجتمع في خلق الثروة، حتى يتم تحقيق نمو مدمج.

وأشار إلى أن دعم الاقتصاد الاجتماعي، ودعم إحداث المقاولات الصغيرة جدا في حدود خمس أجراء، وتمكين التعاونيات من الاستفادة من امتيازات برنامج إدماج حاملي الشهادات، ووضع نظام المقاول الذاتي وتوسيع مجال الاستفادة من هذا النظام، كلها تدابير تؤكد أن الحكومة لها تصور واضح لجعل كل فئات المجتمع ومناطقه تساهم في إنتاج الثروة الوطنية.

(ومع-16/12/2014)