معالجة القرصنة البحرية تستوجب مقاربة شاملة وبرامج متكاملة لدعم القدرات الوطنية والإقليمية

أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد سعد الدين العثماني، يوم الأربعاء بدبي، أن معالجة ظاهرة القرصنة البحرية تستوجب مقاربة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار ظروف وملابسات تطورها، ومقاربة شمولية تراعي الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع ما يتطلب ذلك من برامج متكاملة تدعم القدرات الوطنية والإقليمية
وأوضح السيد العثماني خلال افتتاح أشغال المؤتمر الدولي الثالث لمكافحة القرصنة البحرية الذي تنظمه الإمارات العربية المتحدة على مدى يومين تحت رئاسة وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان بحضور الرئيس الصومالي حسن شيخ محمد، أن المملكة المغربية إيمانا منها بضرورة تنفيذ مقاربة مشتركة للعمل في إطار تعاون دولي وإقليمي مرتكز على بناء القدرات، مستعدة للمساهمة ومساندة الجهود التي تقوم بها دولة الإمارات العربية الشقيقة والمجتمع الدولي ككل من أجل القضاء على ظاهرة القرصنة البحرية .
وأضاف أن تنظيم المؤتمر من قبل الإمارات العربية المتحدة حول موضوع "مكافحة القرصنة البحرية .. جهود مستمرة في بناء القدرات الإقليمية"، يؤكد على اهتمامها العميق بالقضايا الشاملة التي ما فتئت تسترعي اهتمام المجتمع الدولي وتحث الجميع على مضاعفة الجهود لتعزيز العمل المشترك من أجل استتباب الأمن والسلم الدوليين وضمان سبل تنمية مستدامة خصوصا مع انتشار أشكال جديدة من التهديدات عابرة القارات خاصة القرصنة والجريمة المنظمة والاتجار غير المشروع بكل أشكاله وما يقتضيه ذلك من تعبئة دائمة لرفع التحديات المرتبطة بهذه ظاهرة.
ولفت السيد العثماني الانتباه إلى أن القرصنة البحرية لم تعد تقتصر على خليج عدن المقابل لسواحل الصومال أو الجزء الشرقي من المحيط الهندي المتاخم لدول القرن الإفريقي وصولا إلى الموزمبيق ، بل أصبحت تسجل حضورا قبالة سواحل دول غرب إفريقيا المطلة على المحيط الأطلسي خصوصا خليج غينيا، مبرزا أن المغرب وانسجاما مع دوره الإفريقي في المساهمة في أن تتجنب دول القارة الإفريقية كل أشكال التهديدات المحدقة بها ، عمد إلى حشد الجهود وتنسيق المبادرات من أجل إيجاد أرضية مشتركة للعمل بين الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي إيمانا منه بضرورة جعل جنوب الأطلسي منطقة يعم فيها السلم والأمان.
وفي هذا السياق ، ذكر بأن المغرب كان سباقا إلى احتضان أول اجتماع وزاري للبلدان الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي خلال شهر غشت 2009 ، تمخض عنه إعلان الرباط الذي التزمت بموجبه هذه البلدان بمكافحة التهديدات المشتركة متعددة الأبعاد ومنها على وجه الخصوص شبكات الجريمة المنظمة والقرصنة والاتجار في المخدرات والأسلحة والاتجار غير المشروع بكل أشكاله، مضيفا أن إعلان الرباط انبنى على مقاربة منفتحة ، متضامنة وجماعية لإيجاد أجوبة ناجعة ومستدامة تمكن من وضع الأسس لإيجاد فضاء مشترك ومنطقة سلم واستقرار وازدهار .
ومن جهة أخرى، أشار الوزير إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يندرج في إطار جهود منظمة الأمم المتحدة لإيجاد الوسائل الكفيلة بالإحاطة بكل جوانب ظاهرة القرصنة البحرية ، موضحا أن القرارات التي اتخذها المجلس الأمن لوضع حد لظاهرة القرصنة والسطو المسلح قبالة السواحل الصومالية ، شكلت اللبنة القانونية الاساسية لمحاربة الظاهرة بكل أبعادها، ومكنت من تأطير التعاون الدولي والإقليمي وإقامة فريق اتصال يعهد إليه بمكافحة القرصنة البحرية قبالة سواحل الصومال الذي يتشرف المغرب بعضويته، ويساهم في أشغاله ضمن أربع فرق عمل مكلفة بالتنسيق العسكري وتبادل المعلومات والمسائل القضائية وتعزيز الحماية الذاتية للملاحة وتقوية آليات الدفاع داخل السواحل والمعلومات العامة .
ورغم الجهود المتواصلة لمجموعة الاتصال الدولية لمكافحة القرصنة البحرية قبالة سواحل الصومال ، ودعم وتنسيق العمليات البحرية الدولية وبناء القدرات في الصومال بهدف القضاء على القرصنة ، فإن هذه الظاهرة لا تزال تشكل مصدر قلق بالغ على المستوى العالمي، ومواجهتها بشكل فعال يتأتى عبر تعزيز جهود المجتمع الدولي لبناء القدرات الإقليمية والدولية إضافة إلى معالجة القرصنة على المدى القصير من خلال المبادرات الأمنية الفعالة والتعاون بين القوات البحرية العالمية والسفن التجارية.
تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر الدولي الثالث لمكافحة القرصنة البحرية الذي حضره أكثر من 20 وزيرا للخارجية، يجمع مسؤولين حكوميين وقادة قطاع الصناعة البحرية وأكاديميين وخبراء لمناقشة سبل إيجاد حلول مستدامة تستأصل ظاهرة القرصنة البحرية من جذورها على المدى القصير والمتوسط والطويل، إضافة إلى مشاركين من الأمم المتحدة والمنظمة البحرية الدولية ومسؤولين تنفيذيين في قطاع سلسلة التوريد.
وسيناقش المؤتمر على الخصوص الجانب الإنساني و التكلفة الاقتصادية للقرصنة والسبل الكفيلة لإيجاد حلول من أجل معالجة المشكلة من جذورها، وبناء القدرات في الصومال لدعم تعافي البلد واقتصاده.
يشارك المغرب في أشغال هذا المؤتمر بوفد يضم إلى جانب وزير الشؤون الخارجية والتعاون ، سفير المملكة المغربية بالإمارات السيد محمد أوعلي ، والقنصل العام بإمارة دبي السيد عبد العلي جاي ومدير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية السيد عز الدين فرحان.
(ومع)